موضوع: القطريون يسعون للمحافظة على دفء العلاقات الأسرية والاجتماعية 17/8/2012, 4:25 pm
في آخر يوم من أيام شهر رمضان المبارك وما إن يتم الإعلان عن ثبوت رؤية هلال شهر شوال الذي ينبئ بحلول عيد الفطر السعيد تجد سيلا من رسائل الـ(sms) للمعايدات والتهاني والتبريكات بالعيد تتدفق على هاتفك المحمول. ويتفنن الجميع في انتقاء أجمل رسائل المعايدات لإرسالها بكبسة زر واحدة لكل قريب وبعيد أو لاختصار الوقت لكل ما تتضمنه لائحة الأسماء المسجلة في ذاكرة الهاتف.
رغم أن طريقة «المعايدات الإلكترونية» التي درجت مع التطور التكنولوجي في السنوات الأخيرة نجحت في تخطي حواجز الزمان والمكان فإنها حلت محل المعايدة التقليدية وبدلاً من الزيارات والعناق والمصافحة لتبادل التهاني بقدوم رمضان أو العيد، أصبح الناس، خاصة فئة الشباب من الجنسين، يفضلون نقل تهانيهم عبر شبكة الإنترنت ورسائل الهاتف النقال، لا بل إنهم ابتكروا وأبدعوا وسائل عديدة في أشكال وطرق تلك التهاني من حيث النصوص سواء أكانت خفيفة الظل أو دينية إضافة إلى طرق تصميم هذه المعايدات المميزة. واللافت في الموضوع أن هناك أكثر من 500 ألف موقع تقدم جميعها خدمة إرسال بطاقات المعايدة الإلكترونية على شبكة الإنترنت، يعتمد أغلبها اللغة العربية الأمر الذي شجع الناس أكثر على هذه الظاهرة لدرجة أنها تمكنت من أن تصبح بديلا عن كل وسيلة للترابط والتواصل المباشر بين الناس. ومما لا شك فيه أن رسائل الـ(sms)، ومعها مواقع التوصل الاجتماعي كالفيس بوك وغيرها، توحي بتحولات مجتمعية كبيرة جداً، لعل أهمها أن التقنية أعادت تشكيل علاقات الناس بين بعضها البعض، إذ يكفي في لغة التواصل الإلكتروني الجديدة رسالة (sms) كتابة رسالة المعايدة وتحديد الكل والضغط على زر «الإرسال» أو كتابة «ستاتيو» خاص تهنئ فيه جميع أصدقائك الذين تمت إضافتهم على صفحتك الفيس بوكية للتواصل مع أكبر عدد من الأصدقاء مهما كانت المسافة التي تبعدك عنهم وكأن المسألة مجرد أداء واجب لا غير.
استطلعت آراء مجموعة من المواطنين والمقيمين حول طريقة المعايدات الإلكترونية وانقسم مستخدموها بين مؤيد ومعارض لها، فبعضهم يرى أن المعايدة الإلكترونية نعمة وليست نقمة، خاصة أنها تقرب الأشخاص الذين تباعد بينهم المسافات الجغرافية، فيما يرى الفريق الآخر أنها إحدى نقم تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات، لأنها تأتي خصماً للقاءات الحميمة، وتحرم الناس من فرص استعادة دفء المشاعر والعلاقات الأسرية والاجتماعية التي تعد أبرز سمات الأعياد. وإذا كانت طرق المعايدات الإلكترونية تحتل الصدارة لدى فئة الشباب إلا أن كبار السن والأهالي لا يجدون بديلا عن المعايدات المباشرة والعناق والتعبير عن المشاعر. تقول مزين بدران إنه بوجود جهازي البلاك بيري والآي فون فضلا عن الفيس بوك، ساعد كثيرا في التواصل مع أكبر عدد ممكن من الأصدقاء والأقارب حتى أولئك الذين لم تلتق بهم منذ وقت طويل أو تفصلك بينك وبينهم مسافات بعيدة. وتشير إلى أنها لا تقوم بزيارة في العيد إلا للمقربين جدا، وتعترف بأنه في بعض الأحيان قد يمر عيد من دون أن تقوم فيه بزيارة أحد لمعايدته باستثناء أهلها. ولا تنكر أن طرق المعايدات الإلكترونية رغم أن لها إيجابيات كثيرة من حيث التواصل مع أكبر عدد من الأصدقاء والأقارب في أي مكان بالعالم وقصرت المسافات إلا أنها أسهمت أيضاً في انطواء الشخص على ذاته.
تضعف الروابط من جانبها ترى نور الكبيسي أن المعايدات الإلكترونية عن طريق الـsms والإنترنت تضعف الروابط الاجتماعية حيث حلت محل الزيارات المباشرة لدرجة اكتفى البعض بإرسال رسالة واحدة عن طريق الإنترنت أو عن طريق الهاتف المحمول. ورغم أنها لا تنكر استخدامها لطريقة المعايدات الإلكترونية فإنها تستبعد فكرة أن يتحول العيد إلى مجرد مجاملات إلكترونية ولا تتخيل العيد من دون أن تتواصل مع الأهل والأقارب. وتؤكد أن المجتمع القطري لا يزال إلى حد بعيد يتمسك بصلة القرابة والتراحم، حيث إن الزيارات في الأعياد شيء أساسي في مجتمعنا ولا يمكن التراخي عنه. إلى ذلك ترفض خلود علي أسلوب إرسال الرسائل رفضا قطعيا وتحذر من انتشار هذه الظاهرة، ليس فقط في المناسبات الدينية والأعياد بل في المناسبات الاجتماعية أيضاً، حيث إن كثيرا من الدعوات للغداء أو العشاء أو الأفراح أصبحت ترسل عن طريق الرسائل كما أن أفراد العائلة في البيت الواحد باتوا يتواصلون عن طريق رسائل البلاك بيري أو الواتس آب أو غيره من برامج التواصل لطلب شيء ما في حين أنه قد يكون بالغرفة التي بجانبه. وتعتبر أن المعايدات الإلكترونية أسهمت إلى حد بعيد إلى تراجع العلاقات الاجتماعية التي ترى أنها شيء أساس وتساعد في تعزيز روابط التكافل وتعزيز الصلات الإنسانية وتبادل أطراف الحديث ومعرفة أحوال ومشاكل من حولك والمساعدة في حلها. وتعترف بأنها لا تعتد بأسلوب المعايدات بالرسائل، ومن تريد معايدته تتصل به شخصيا، لافتة إلى أن أغلب الأصدقاء يبعثون الرسائل ولكنها لا ترد عليها. وتقول إن هذه الرسائل تجعل الشخص منطوياً على نفسه كما أنه يرسلها من دون أي إحساس بها فغالبا ما تكون جاهزة ولا يساهم هو في كتابتها، لذا فإنني أفضل معايدة من يتصل بي شخصيا لأن كلماته نابعة من القلب.
أسلوب سهل بدوره يوضح جاسم محمد أن المعايدات قبل العيد تكون بالرسائل (المسجات) وبعد أداء صلاة العيد يقوم برفقة زوجته وأولاده إلى بيت العائلة لزيارة الأهل ومعايدتهم حيث يجتمع الأقارب جميعهم لتبادل التهاني بالعيد. ويشير محمد إلى أن أسلوب التهنئة من خلال المسجات له حسناته وسيئاته فيرى أن ميزته تتمثل بالسهولة حيث بإمكان الشخص معايدة أكبر عدد ممكن من الأصدقاء مهما كانت المسافة التي تفصل بيننا بكبسة زر. أما مساوئه فتكمن باختصار حرارة العلاقات الاجتماعية ووضع حواجز إلكترونية. في المقابل، تقول مريم محمد إنها على تواصل دائم مع صديقاتها عن طريق البلاك بيري لذا من الطبيعي أن تكون المعايدات بهذه الطريقة. ولا تنكر أنها خلال العيد تقتصر معايدتها لأهلها فقط ولا تقوم بزيارة أحد أما البقية فتعايدهم عن طريق. ويختلف أسلوب المعايدة لدى نواف عبدالرحمن حسب مستوى القرابة والعلاقة. فالأقربون أولى بالمعروف وبالتواصل بحسب قوله فيحرص على زيارتهم ومعايدتهم بالعيد وكذلك الأصدقاء المقربون من هم بالدرجة الأولى أما من هم في الدرجة الثانية فيكتفي بإرسال الـsms لهم. ويشدد على ضرورة أن يكون لأسلوب المسجات استخدام محدد حيث من الممكن استخدامها مع من لا تربطه بهم علاقة قوية ويرفض استخدامها مع الأهل والأقارب. ويعتبر أن انتشار أسلوب المعايدة بالمسجات يعود لكونه أسرع وأوفر في الوقت نفسه ويمكنك من التواصل مع أكبر عدد من الناس وفي الوقت عينه يحرمك من التواصل معهم بشكل مقرب وحميم، إذ إنه يصبح أسلوبا سلبيا عندما يحل محل العلاقات الشخصية حتى مع أقرب الناس.
المعايدة الشخصية تفرح من جانبه، يوضح عيسى المضيحكي أنه يشعر بالسعادة والفرحة تغمر قلبه عندما يعايده أحد الأقارب والأصدقاء وجها لوجه أو يأتي لزيارته خصوصا إذا مر وقت طويل على رؤية هذا الشخص. وتبعا لهذا الشعور الذي يتسلل إلى عيسى ويغمره بالفرحة فإنه يفضل أن يتعامل بالمثل مع أهله وأقاربه وأصدقائه المقربين. ويؤكد أن تأثير المعايدة وجها لوجه يبقى أقوى ووقعه أجمل على النفس من مجرد مسج. لكنه لا ينكر أن المعايدات الإلكترونية باتت أسلوبا متبعا لدى كثير من الناس ليس عن طريق الهاتف الجوال بل أيضاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث باتت التكنولوجيا محركا مهما في حياة الناس وتسهلها رغم كثير من التعقيدات وبعد المسافات. مسجات عن قرب وفي سياق متصل يقول خالد محمد إنه يبقى على تواصل مع أصدقائه عن طريق مسجات البلاك بيري والواتس أب وغيرها من طرق التواصل الإلكترونية، لافتا إلى أنه رغم عدم اقتناعه بهذا الأسلوب إلا أنه اضطر أن يواكب أصدقاءه فيه لأنهم يتواصلون من خلاله، لذلك يرسل لهم مسجات العيد من خلالها إلا أنه في الجانب الآخر يحرص على معايدة أقاربه بالزيارات كما أنه يجتمع مع أصدقائه المقربين في الديوانيات والمجالس. ويقول إنه في كثير من الأحيان يلاحظ أن هناك «ربع» يجلسون في نفس المجلس ويرسلون مسجات إلى بعضهم البعض للمعايدة علما بأنه لا تفصلهما عن بعضهما البعض سوى خطوات. وفي هذا الإطار يرى خالد أن المسجات تلعب دورا سلبيا حيث إنها تضع حواجز بين الناس وتجعل من التواصل الاجتماعي وتراحم ذوي القربى مجرد أداء واجب بمسج لا أكثر ولا أقل. ومن الواضح أن هناك من له وجهة نظر مختلفة بالموضوع فعائشة مثلا تبدي إعجابها بسرعة الحياة التي نعيش فيها اليوم والتي تؤدي إلى اختصار الواجبات. وتقول إن العالم تغير اليوم والعلاقات الاجتماعية باتت تحكمها كثير من المتغيرات التي تفرض على الإنسان أن يؤدي واجبه من دون الإفراط في مشاعره وهذا باختصار ما يمثله أسلوب إرسال المعايدات الإلكترونية والمسجات، لافتة إلى أن «المهم في النهاية هو القيام بالواجب سواء بمسج أو بمكالمة». إلى ذلك، تعتبر نوف محمد أن الزيارات في العيد فيها قيمة أكبر للشخص الآخر وبدورها تفضل أن يعاملها الآخرون بالمثل أما من يرسل لها مسج فترد بمسج، والذين يزورونها دائما تفضل القيام بالواجب. وتؤكد أن الزيارات في العيد والتواصل مع صلة الرحم والقربى من الأمور التي حث عليها الدين الإسلامي وورثناها عن آبائنا وأجدادنا. وتشدد على ضرورة المحافظة عليها مهما حصل من تطور تكنولوجي لأن العلاقات الاجتماعية والتواصل والتآخي هو الذي يبقى أثره.
لا مبرر لا يجد عبدالعزيز الحيدر عذرا لمن يعيش معه في نفس البلد ولا يبعد عنه سوى مسافة قريبة ويرسل له مسج للمعايدة بخلاف من يعيش بالخارج الذي يجد له مبررا في إرسال رسالة معايدة. ويعتبر أن أضعف الإيمان هو إجراء اتصال إذا لم يكن يستطع القيام بزيارة. أما زيارة الأهل والأقارب للمعايدة فيعتبرها من أقدس المقدسات بالنسبة إليه ولها حسناتها عند الله تعالى.
بيانات العضو
ميكو
مشرفه قسم المول والتسويق التجارى
معلومات العضو
رقم العضويه : 484عدد المساهمات : 3107التقييم : 52697السٌّمعَة : 57الجنسية : جمهورية مصر العربية تاريخ التسجيل : 23/01/2011
معلومات الاتصال
موضوع: رد: القطريون يسعون للمحافظة على دفء العلاقات الأسرية والاجتماعية 21/8/2012, 2:38 pm