موضوع: بوتين يعدّ لإمبراطورية روسية ثالثة 27/7/2012, 12:49 am
يطمح بوتين إلى إقامة إمبراطورية روسية تواجه الغرب وتعيد روسيا إلى الواجهة (غيتي)
قال الكاتب سايمون ديسدَيل في مقال له في صحيفة غارديان البريطانية إن عودة رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين المحتملة إلى سدة الرئاسة تشكل تحديا للقوى الغربية التي لا تبدو أنها مهيأة في الوقت الحاضر لمواجهة تحد من هذا النوع.
ويرى الكاتب أن عودة بوتين للرئاسة تعني أنه سيظل في هذا المنصب حتى عام 2024 وسيكون هدفه الأساسي هو: إقامة الإمبراطورية الروسية الثالثة بعد روسيا القيصرية والاتحاد السوفياتي.
وكان بوتين قد وصف انهيار الاتحاد السوفياتي (عام 1991) على أنه "أخطر كارثة جيوسياسية في القرن (العشرين)".
والمراقب لبوتين خلال الأسبوع الماضي يرى أنه يتهيأ لتخفيف وطأة تلك الكارثة، خاصة وأن عودته إلى الرئاسة سوف تجعله المتحكم الأول في السياسة الخارجية الروسية، في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية الروسية في مارس/آذار المقبل.
ويقول الكاتب إن بوتين لا يعير اهتماما يذكر للسياسة الداخلية، لكن سر نجاحه في الداخل يكمن في الحس الوطني العالي الذي يتخذه شعارا له، وتصويره روسيا على أنها مستهدفة من مؤامرة غربية شرسة تقودها الولايات المتحدة.
ورغم الانتقادات الواسعة التي وجهت له في حملته في الانتخابات البرلمانية فإن مؤيديه ومعارضيه على السواء يجمعون على أنه انتشل روسيا من حالة الفوضى التي عانت منها خلال حكم الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين بين عامي 1991 و1999.
إن الدلائل التي تشير إلى عزم بوتين إعادة روسيا إلى الواجهة كدولة عظمى، تبرز إلى السطح باستمرار ولكن ببطء. وجزء كبير من خططه يستند إلى معارضة روسيا للولايات المتحدة التي تعتبر العدو التقليدي لموسكو.
وإحدى تلك الدلائل جاءت الأسبوع الماضي عندما أعلن الكرملين أنه سوف يتخلى عن معاهدة خفض السلاح النووي التي وقعت مع واشنطن منذ سنتين، ووضع تخلي الولايات المتحدة عن خططها لنشر منظومات صاروخية دفاعية في أوروبا شرطا لالتزامه بها.
كان أوباما يعول على تسويق معاهدة خفض السلاح النووي مع روسيا كإنجاز خارجي له (غيتي) وقد جاء إعلان الكرملين مرفقا بالكشف عن قاعدة صواريخ روسية في مدينة كالينينغراد التي تقع على الحدود مع ليتوانيا وبولندا وهما عضوان في حلف الناتو.
يذكر أن معاهدة خفض السلاح النووي الموقعة بين الولايات المتحدة وروسيا عام 2009 اعتبرت على أنها أحد الإنجازات المهمة للبيت الأبيض في مجال السياسة الخارجية في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، ويعول عليها الأخير كأحد الإنجازات التي يريد استخدامها في حملته الانتخابية لعام 2012.
ويرى الكاتب أن الدرع الصاروخي الذي يفهم منه أنه موجه لردع إيران، كان نجاحا أميركيا آخر، لكن أميركا اليوم منشغلة بحروب في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وبالربيع العربي، وتعول كثيرا على هدوء الجبهة الروسية. إلا أن بوتين يبدو عازما على تغيير ذلك.
وقد بدأ بوتين بالفعل بمشروع "يوراسيا" وهو اتحاد تطمح روسيا لإقامته مع عدد من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة وسيساهم -إذا نجح- في دعم نفوذ روسيا في المنطقة عسكريا وسياسيا.
ويتضمن مشروع الإمبراطورية الروسية الثالثة لبوتين، قبضة حديدية لها طابع سياسي على إيرادات روسيا من الطاقة إلى أوروبا. ويشير المحللون في هذا الصدد إلى أن روسيا ستصدر حوالي 50% من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي بحلول عام 2030.
ويتهكم الكاتب على هذه الحقيقة بالقول إن الإمبراطورية الروسية لا يمكن أن تقام إلا بضمان واردات مالية عالية من استمرار تدفق موارد الطاقة إلى أوروبا، أي أن أوروبا تمول مشروع الهيمنة عليها مستقبلا.
ويهدف مشروع بوتين فيما يهدف إلى التخلص من التأثير الغربي الذي دخل إلى روسيا في العقدين الماضيين، والعمل على فرض نفوذ أوسع في أوساط الدول النامية، ويتجلى ذلك في الموقف الروسي من البرنامج النووي الإيراني والموقف من سوريا، رغم الاستنكار الدولي الواسع لقمع النظام السوري.
ولكن الكاتب يشير إلى أن الأولوية الأولى لبوتين رغم كل شيء هي تحديث الجيش الروسي.
ويصف الكاتب بوتين بأنه رجل شرطة سابق، ومهووس باللياقة البدنية، ووطني متحمس ويتهيأ للعودة إلى رئاسة روسيا، في وقت أصبحت مشاريعه لإمبراطورية ثالثة واضحة بشكل لم يسبق له مثيل.